فصل: تفسير الآية رقم (49):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.بحث اجتماعي:

الذي تعطيه أصول الاجتماع أن المجتمع الإنساني لا يقدر على حفظ حياته وادامة وجوده إلا بقوانين موضوعة معتبرة بينهم، لها النظارة في حاله، الحكومة في أعمال الافراد وشئونهم، تنشأ عن فطرة المجتمع وغريزه الافراد المجتمعين بحسب الشرائط الموجودة، فتسير بهدايتها جميع طبقات الاجتماع كل على حسب ما يلائم شأنه ويناسب موقعه فيسير المجتمع بذلك سيرا حثيثا ويتولد بتألف أطرافه وتفاعل متفرقاته العدل الاجتماعي وهي موضوعة على مصالح ومنافع مادية يحتاج إليها إرتقاء الاجتماع المادي، وعلى كمالات معنوية كالاخلاق الحسنة الفاضلة التي يدعو إليها صلاح الاجتماع كالصدق في القول والوفاء بالعهد والنصح وغير ذلك، وحيث كانت القوانين والاحكام وضعية غير حقيقية احتاجت إلى تتميم تأثيرها، بوضع أحكام مقررة أخرى في المجازاة لتكون هي الحافظة لحماها عن تعدي الافراد المتهوسين وتساهل آخرين، ولذلك كلما قويت حكومة أي حكومة كانت على إجراء مقررات الجزاء لم يتوقف المجتمع في سيره ولا ضل سائره عن طريقه ومقصده، وكلما ضعفت اشتد الهرج والمرج في داخله وانحرف عن مسيره فمن التعاليم اللازمة تثبيتها في الاجتماع تلقين أمر الجزاء، وإيجاد الإيمان به في نفوس الافراد، ومن الواجب الاحتراز من أن يدخل في نفوسهم رجاء التخلص عن حكم الجزاء، وتبعة المخالفة والعصيان، بشفاعة أو رشوة أو بشئ من الحيل والدسائس المهلكة، ولذلك نقموا على الديانة المسيحية ما وقع فيها أن المسيح فدى الناس في معاصيهم بصلبه، فالناس يتكلون عليه في تخليصهم من يد القضاء يوم القيامة ويكون الدين إذ ذاك هادما للانسانية، مؤخرا للمدنية، راجعا بالانسان القهقرى كما قيل.
وان الاحصاء يدل من أن المتدينين أكثر كذبا وأبعد من العدل من غيرهم وليس ذلك إلا أنهم يتكلون بحقية دينهم، وادخار الشفاعة في حقهم ليوم القيامة، فلا يبالون ما يعملون بخلاف غيرهم، فإنهم خلوا وغرائزهم وفطرهم ولم يبطل حكمها بما بطل به في المتدينين فحكمت بقبح التخلف عما يخالف حكم الإنسانية والمدنية الفاضلة.
وبذلك عول جمع من الباحثين في تأويل ما ورد في خصوص الشفاعة في الإسلام وقد نطق به الكتاب وتواترت عليه السنة.
ولعمري لا الإسلام تثبت الشفاعة بالمعنى الذي فسروها به، ولا الشفاعة التي تثبتها تؤثر الاثر الذي زعموه لها، فمن الواجب أن يحصل الباحث في المعارف الدينية وتطبيق ما شرعه الإسلام على هيكل الاجتماع الصالح والمدنية الفاضلة تمام ما رامه الإسلام من الاصول والقوانين المنطبقة على الاجتماع كيفية ذلك التطبيق، ثم يحصل ما هي الشفاعة الموعودة وما هو محلها وموقعها بين المعارف التي جاء بها.
فيعلم اولا: أن الذي يثبته القرآن من الشفاعة هو أن المؤمنين لا يخلدون في النار يوم القيامة بشرط أن يلاقوا ربهم بالإيمان المرضي والدين الحق فهو وعد وعده القرآن مشروطا ثم نطق بأن الإيمان من حيث بقائه على خطر عظيم من جهة الذنوب ولاسيما الكبائر ولاسيما الادمان منها والأمر ار فيها، فهو شفا جرف الهلاك الدائم، وبذلك يتحصل رجاء النجاة وخوف الهلاك، ويسلك نفس المؤمن بين الخوف والرجاء فيعبد ربه رغبة ورهبة، ويسير في حياته سيرا معتدلا غير منحرف لا إلى خمود القنوط، ولا إلى كسل الوثوق.
وثانيا: أن الإسلام قد وضع من القوانين الاجتماعية من مادياتها ومعنوياتها ما يستوعب جميع الحركات والسكنات الفردية والاجتماعية، ثم إعتبر لكل مادة من موادها ما هو المناسب له من التبعة والجزاء من دية وحد وتعزير إلى أن ينتهي إلى تحريم مزايا الاجتماع واللوم والذم والتقبيح، ثم تحفظ على ذلك بعد تحكيم حكومة أولياء الأمر، بتسليط الكل على الكل بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ثم أحيى ذلك بنفخ روح الدعوة الدينية المضمنة بالانذار والتبشير بالعقاب والثواب في الآخرة، وبنى أساس تربيتة بتلقين معارف المبدا والمعاد على هذا الترتيب.
فهذا ما يرومه الإسلام بتعليمه، جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصدقه التجارب الواقع في عهده وعهد من يليه حتى اثبت به أيدي الولاة في السلطنة الاموية ومن شايعهم في استبدادهم ولعبهم بأحكام الدين وابطالهم الحدود والسياسات الدينية حتى آل الأمر إلى ما آل إليه اليوم وارتفعت أعلام الحرية وظهرت المدنية الغربية ولم يبق من الدين بين المسلمين إلا كصبابة في إناء فهذا الضعف البين في سياسة الدين وارتجاع المسلمين القهقرى هو الموجب لتنزلهم في الفضائل والفواضل وانحطاطهم في الاخلاق والآداب الشريفة وإنغمارهم في الملاهي والشهوات وخوضهم في الفواحش والمنكرات، هو الذي أجراهم على انتهاك كل حرمة وإقتراف كل ما يستشنعه حتى غير المنتحل بالدين لا ما يتخيله المعترض من إستناد الفساد إلى بعض المعارف الدينية التي لا غاية لها وفيها إلا سعادة الإنسان في آجله وعاجله والله المعين، والاحصاء الذي ذكروها إنما وقع على جمعية المتدينين وليس عليهم قيم ولا حافظ قوي وعلى جمعية غير المنتحلين، والتعليم والتربية الاجتماعيان قيمان عليهم حافظان لصلاحهم الاجتماعي فلا يفيد فيما أراده شيئا. اهـ.

.تفسير الآية رقم (49):

قوله تعالى: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

.قال البقاعي:

ولما وصف ذلك اليوم بأنه لا ينفع فيه حيلة لذي ملكة المتردي بالكبرياء المتجلل بالعظمة ذكرهم بما أنعم عليهم من إنجائه لهم بموسى وهارون عليهما السلام حيث شفعا عند الملك الذي كان استعبدهم وسامهم سوء العذاب، فلما لم يشفّعهما فيهم قاهراه فانتصرا عليه بأيد مليكهم واستنقذاهم منه بسطوة معبودهم.
وقال الحرالي: ولما استوفى خطاب النداء لهم وجهي التذكير بأصل فضيلة النفس الباطنة بالوفاء وغرض النفس الظاهر في النعمة والرئاسة جاء ما بعد ذلك من تفاصيل النعم عطفًا من غير تجديد نداء إلى منتهى خاتمة الخطاب معهم حيث ثنى لهم الخطاب الأدنى بالتذكير بالنعمة ختمًا لمتسق خطابه بما تضمنه تذكيرهم بتكرار قوله: وإذ وإذ، واحدة بعد أخرى إلى جملة منها، ولما ذكرهم بالنعمة الظاهرة فانتبه من تداركته الهداية وتمادى من استحق العقوبة ذكر أهل الاستحقاق بما عوقبوا به بما يستلزمه معنى النجاة وبما فسره مما أخذوا به على ذنوب تشاكل ما هم عليه في معاندتهم القرآن، فحين لم ينفع فيهم التذكيران بالعهد والنعمة هددوا بتقريرهم على مواقع ما أصيبوا به من البلاء من عدوهم لما اقترفوه من ذنوبهم {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولًا} [غافر: 34] فكان في تكذيبهم بالرسالة الأولى وشكهم ما أصابهم من العقوبة من آل فرعون حتى أنقذهم الله بموسى عليه السلام فقال تعالى: {وإذ} أي واذكروا إذ {نجيناكم} وهو من التنجية وهي تكرار النجاة، والنجاة معناه رفع على النجوة وهو المرتفع من الأرض الذي هو مخلص مما ينال من الوهاد وخبث الأرض من هلاك بسيل ماء ونحوه {من آل} آل الرجل من تبدو فيهم أحواله وأعماله وأفعاله حتى كأنهم هو في غيبه من معنى الآل الذي هو السراب الذي يظهر فيه ما بعد ويتراءى ما لم يكن يرى لولاه، {فرعون} اسم ملك مصر في الجاهلية، علم جنس لملوكها بمنزلة أسماء الأجناس في الحيوان وغيره- انتهى.
والمراد بالآل فرعون وأتباعه فإن الآل يطلق على الشخص نفسه وعلى أهله وأتباعه وأوليائه- قاله في القاموس، قال: ولا يستعمل إلاّ فيما فيه شرف غالبًا ثم بين ما أنجاهم منه بقوله: {يسومونكم سوء العذاب} سماه بذلك لأنه أشد البلاء على النفس لما فيه من استحقارها، من السوم وهو تعذيب بتهاون بالمعذب، والسوم ما يشتد، تنكر النفس له وتكرهها، ثم فسر هذا بقوله: {يذبحون} من التذبيح وهو تكرار الذبح، والذبح قطع بالغ في العنق- قاله الحرالي.
ولما كان كل من ذبح الابن وحياة المرأة بغير رجل أفحش وكانت البنت إذا بقيت صارت امرأة عبر بالأبناء والنساء فقال: {أبناءكم} أي سوقًا لكم مساق البهائم {ويستحيون} قال الحرالي: من الاستحياء وهو استبقاء الحياة {نساءكم} من معنى الاتخاذ للتأهل الملابس في معنى ما جرى منه اشتقاق الإنس والإنسان والنسوة باشتراكها في أحد الحروف الثلاثة من الهمزة أو الواو أو الياء مع اجتماعها في النون والسين- انتهى.
ثم نبههم على ما فيه من العظم بقوله: {وفي ذلكم} فأشار بأداة البعد مقرونة بالميم {بلاء} أي اختبار {من ربكم} أي المحسن إليكم في حالي الشدة والرخاء {عظيم} قال الحرالي: البلاء الاختبار هو إبداء خبرة الشيء بشدة ومحنة، وفيه إشعار باستحقاقهم ذلك واستصلاحهم بشدته دون ما هو أيسر منه، وذكره بالعظم لشياعه في الأجسام والأنفس والأرواح، وذكر معنى النجاة ثم فصله تفصيلًا لكيفيته بعد ذلك تعدادًا لنعمة النجاة التي هي تلو رحمة الإنعام التي هي تلو رفعة التقدم بالعهد، فانتهى الخطاب نهايته في المعنى يعني فلما قررهم تعالى على ما اقترفوه قبل موسى عليه السلام حين أصابهم من آل فرعون ما أصابهم استجدّ لهم تذكيرًا بنعمة نجاة من عقوبة متقدم أعمالهم- انتهى. اهـ.

.قال الفخر:

اعلم أنه تعالى لما قدم ذكر نعمه على بني إسرائيل إجمالًا بين بعد ذلك أقسام تلك النعم على سبيل التفصيل ليكون أبلغ في التذكير وأعظم في الحجة، فكأنه قال: اذكروا نعمتي واذكروا إذ نجيناكم واذكروا إذ فرقنا بكم البحر وهي إنعامات، والمذكور في هذه الآية هو الإنعام الأول. اهـ.

.اللغة:

{آل فرعون} أصل {آل} أهل، ولذلك يصغر بأهيل، فأبدلت هاؤه ألفا، وخص استعماله بأولي الخطر والشأن كالملوك وأشباههم، فلا يقال آل الإسكاف والحجام، و{فرعون} علم لمن ملك العمالقة، كقيصر لملك الروم وكسرى لملك الفرس، ولعتوا الفراعنة اشتقوا منه تفرعن: إذا عتا وتجبر.
{يسومونكم} يذيقونكم من سامه إذا أذاقه وأولاه، قال الطبري: يوردونكم ويذيقونكم.
{يستحيون} يستبقون الإناث على قيد الحياة.
{بلاء} اختبار ومحنة، ويستعمل في الخير والشر كما قال تعالى: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة}.
{فرقنا} الفرق: الفصل والتمييز، ومنه قوله سبحانه: {وقرآنا فرقناه} أي فصلناه وميزناه بالبيان.
{بارئكم} الباري هو الخالق للشئ على غير مثال سابق، والبرية: الخلق. اهـ.

.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{سوء العذاب} و{سوء الحساب} بغير همز حيث وقعتا مفتوحتين: الأصبهاني عن ورش.
{وعدنا} حيث كان أبو عمرو وسهل ويعقوب ويزيد.
{موسى} بالإمالة المفرطة كل القرآن: حمزة وعلي وخلف وعن أبي عمرو وجهان: إن جعلته فعلى فبالإمالة بين الفتح والكسر، وإن جعلته على مفعل فبالفتح لا غير {ثم اتخذتم} وبابه بالإظهار: ابن كثير وحفص والمفضل والأعشى والبرجمي.
{والفرقان لعلكم} مدغمًا: عباس، وكذلك يدغم إذا كان قبل النون حرف من حروف المد واللين وهي الواو والمضموم ما قبلها مثل {وتكون لكما الكبرياء} والياء المكسور ما قبلها مثل {ميثاق النبيين لما} والألف المفتوح ما قبلها مثل {وما كان لمؤمن} وما أشبه ذلك.

.الوقوف:

{نساءكم} ط {عظيم} o {تنظرون} o {ظالمون} o {تشكرون} o {تهتدون} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

.فصل: أصل الإنجاء:

أما قوله: {وَإِذْ نجيناكم} فقرئ أيضًا أنجيناكم ونجيتكم، قال القفال: أصل الإنجاء والتنجية التخليص، وأن بيان الشيء من الشيء حتى لا يتصلا وهما لغتان نجى وأنجى ونجا بنفسه، وقالوا لمكان العالي: نجوة لأن من صار إليه نجا، أي تخلص ولأن الموضع المرتفع بائن عما انحط عنه فكأنه متخلص منه.
قال صاحب الكشاف: أصل آل أهل ولذلك يصغر بأهيل فأبدلت هاؤه ألفًا وخص استعماله بأولي الخطر والشأن، كالملوك وأشباههم ولا يقال: آل الحجام والإسكاف، قال عيسى: الأهل أعم من الآل، يقال: أهل الكوفة وأهل البلد وأهل العلم ولا يقال: آل الكوفة وآل البلد وآل العلم، فكأنه قال: الأهل هم خاصة الشيء من جهة تغليبه عليهم، والآل خاصة الرجل من جهة قرابة أو صحبة.
وحُكي عن أبي عبيدة أنه سمع فصيحًا يقول: أهل مكة آل الله.
أما فرعون فهو علم لمن ملك مصر من العمالقة كقيصر وهرقل لملك الروم وكسرى لملك الفرس وتبع لملك اليمن وخاقان لملك الترك، واختلفوا في فرعون من وجهين، أحدهما: أنهم اختلفوا في اسمه فحكى ابن جريج عن قوم أنهم قالوا: مصعب بن ريان، وقال ابن اسحق: هو الوليد بن مصعب، ولم يكن من الفراعنة أحد أشد غلظة ولا أقسى قلبًا منه، وذكر وهب بن منبه أن أهل الكتابين قالوا: إن اسم فرعون كان قابوس وكان من القبط.
الثاني: قال ابن وهب: إن فرعون يوسف عليه السلام هو فرعون موسى وهذا غير صحيح، إذ كان بين دخول يوسف مصر وبين أن دخلها موسى أكثر من أربعمائة سنة، وقال محمد بن اسحق: هو غير فرعون يوسف وأن فرعون يوسف كان اسمه الريان بن الوليد، أما آل فرعون فلا شك أن المراد منه هاهنا من كان من قوم فرعون وهم الذين عزموا على إهلاك بني إسرائيل ليكون تعالى منجيًا لهم منهم بما تفضل به من الأحوال التي توجب بقاءهم وهلاك فرعون وقومه.
أما قوله تعالى: {يَسُومُونَكُمْ} فهو من سامه خسفًا إذا أولاه ظلمًا، قال عمرو بن كلثوم:
إذا ما الملك سام الناس خسفا ** أبينا أن نقر الخسف فينا

وأصله من سام السلعة إذا طلبها، كأنه بمعنى يبغونكم سوء العذاب ويريدونه بكم، والسوء مصدر ساء بمعنى السيئ، يقال: أعوذ بالله من سوء الخلق وسوء الفعل يراد قبحهما، ومعنى سوء العذاب والعذاب كله سيئ أشده وأصعبه كأن قبحه زاد بالإضافة إلى ساء، واختلف المفسرون في المراد من {سوء العذاب} فقال محمد بن إسحق: إنه جعلهم خولًا وخدمًا له وصنفهم في أعماله أصنافًا، فصنف كانوا يبنون له، وصنف كانوا يحرثون له، وصنف كانوا يزرعون له، فهم كانوا في أعماله ومن لم يكن في نوع من أعماله كان يأمر بأن يوضع عليه جزية يؤديها، وقال السدي: كان قد جعلهم في الأعمال القذرة الصعبة مثل لنس المبرز وعمل الطين ونحت الجبال، وحكى الله تعالى عن بني إسرائيل أنهم قالوا لموسى: {أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا} [الأعراف: 129].
وقال موسى لفرعون: {وتلك نعمة تمنها على أن عبدت بني اسرائيل} [الشعراء: 22] واعلم أن كون الإنسان تحت يد الغير بحيث يتصرف فيه كما يشاء لاسيما إذا استعمله في الأعمال الشاقة الصعبة القذرة، فإن ذلك يكون من أشد أنواع العذاب، حتى إن من هذه حالته ربما تمنى الموت فبين الله تعالى عظيم نعمه عليهم بأن نجاهم من ذلك. اهـ.